لا يمكن أن نحدد مفردات اللغة ودلالتها تحديدًا دقيقًا إلا بمعرفة البنية الثقافية للناطقين بها ، فكل شيءٍ في المجتمع يُترجم إلى كلمات يتداولها أفراده للتعبير عن البيئة المحيطة بهم بكل مظاهرها ، فاللغة سياسة واقتصاد وجغرافيا وظواهر جوية، فاللغة حياة ، اللغة هي التي ترسم لنا لوحةً تفصيلية عن أي أمة ، ليس للمجتمع فحسب ، بل إن اللغة ترسم لنا عقلية وثقافة كل فردوما يميزه عن الأخر في نفس المجتمع ، فالإنسان يعبر عن مكتسباته وخبراته باللغة ، وتبدو الطبقة الاجتماعية واضحة من خلال الخطاب الفعلي للشخص ، ويبدو الأقوى والأضعف ، والرجل والمرأة،والراعي والرعية، كل ذلك تظهر ملامحه من خلال المستويات والملامح اللغوية للفرد . وقد أجريتُ استقراءً لغريب الحديث ، وفي اعتقادي أنَّ غريب الحديث غريبٌ لغير ناطقه ، أما ناطقه فليس غريبا عليه بل يعبر به عن أيديولوجيا المجتمع والقبيلة والأعراف والتقاليد والثقافة ، بل يعبر غريب الحديث عن ملامح وسمات الشخص النفسية والعقلية والتربوية والطبقة الاجتماعية والدور الاجتماعي للفرد . وإذا كان الأمر كذلك فمن الممكن أن نقوم بتغذية الذكاء الاصطناعي بالملامح اللغوية لكل فرد ، ثم لنسأله بعد ذلك : هذا القول منسوبٌ إلى مَنْ ؟ فيقوم الذكاء الاصطناعي بإثبات نسبة القول لقائله أو نفيه